سورة الزخرف - تفسير تفسير ابن جزي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الزخرف)


        


{وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ (57)}
{وَلَمَّا ضُرِبَ ابن مَرْيَمَ مَثَلاً إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ} روي عن ابن عباس وغيره في تفسيره هذه الآية: أنه لما نزل في القرآن ذكر عيسى ابن مريم والثناء عليه، قالت قريش: ما يريد محمد إلا أن نعبده نحن كما عبدت النصارى عيسى؛ فهذا كان صدودهم من ضربه مثلاً، حكى ذلك ابن عطية والذي ضرب المثل على هذا هو الله في القرآن، ويصدون بمعنى يُعرضون، وقال الزمخشري: لما قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم على قريش: {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ الله حَصَبُ جَهَنَّمَ} [الأنبياء: 98] امتعضوا من ذلك، وقال عبد الله بن الزبعرى: أخاصة لنا ولآلهتنا أم لجميع الأمم؟ فقال صلى الله عليه وسلم هو لكم ولآلهتكم ولجميع الأمم، فقال: خصمتك ورب الكعبة؛ ألست تزعم أن عيسى ابن مريم نبي وتثني عليه خيراً، وقد علمت أن النصارى عبدوه، فإن كان عيسى في النار فقد رضينا أن نكون نحن وآلهتنا معه، ففرحت قريش بذلك، وضحكوا وسكت النبي صلى الله عليه وسلم. فأنزل الله تعالى: {إِنَّ الذين سَبَقَتْ لَهُمْ مِّنَّا الحسنى أولئك عَنْهَا مُبْعَدُونَ} [الأنبياء: 101] ونزلت هذه الآية، فالمعنىعلى هذا: لما ضربَ ابن الزبعرى عيسى مثلاً وجادل رسول الله صلى الله عليه وسلم بعبادة النصارى إياه، إذا قريش من هذا المثل يصدون: أي يضحكون ويصيحون من الفرح، وهذا المعنى إما يجري على قراءة يصدون بكسر الصاد بمعنى الضجيج والصياح.


{وَقَالُوا أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ (58)}
{وقالوا أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ} يعنون بهو عيسى، والمعنى أنهم قالوا آلهتنا خير أم عيسى، فإن كان عيسى يدخل النار فقد رضينا أن نكون نحن وآلهتنا معه، لأنه خير من آلهتنا، وهذا الكلام من تمام ما قبله على ما ذكره الزمخشري في تفسير الآية التي قبله، وأما على ما ذكر ابن عطية فهذا ابتداء معنى آخر، وحكى الزمخشري في معنى هذه الآية قولاً آخر: وهو أنهم لما سمعوا ذكر عيسى قالوا: نحن أهدى من النصارى، لأنهم عبدوا آدمياً ونحن عبدنا الملائكة، وقالوا آلهتنا وهم الملائكة خير أم عيسى؛ فمقصدهم تفضيل آلهتهم على عيسى. وقيل: إن قولهم أم هو: يعنون به محمداً صلى الله عليه وسلم، فإنهم لما قالوا إنما يريد محمد أن نعبد كما عبدت النصارى عيسى. قالوا: أآلهتنا خير أم هو يريدون تفضيل آلهتهم على محمد والأظهر أن المراد بهو عيسى وهو قول الجمهور، ويدل على ذلك تقدم ذكره {مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلاَّ جَدَلاً} أي ما ضربوا لك هذا المثال إلا على وجه الجدل، وهو أن يقصد الإنسان أن يغلب من يناظره سواء غلبه بحق أو بباطل، فإن ابن الزبعرى وأمثاله ممن لا يخفى عليه أن عيسى لم يدخل في قوله تعالى: حصب جهنم، ولكنهم أرادوا المغالطة، فوصفهم الله بأنهم قو خصمون.


{إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ (59)}
{إِنْ هُوَ إِلاَّ عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ} يعني عيسى والإنعام عليه بالنبوة والمعجزات، وغير ذلك.

7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14